للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتوقَّفوا، ولأنَّه من المحال قطعًا أن يكون حجٌّ (١) قطُّ أفضل من حجِّ (٢) خير القرون وأفضلِ العالمين مع نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم -، وقد أمرهم كلَّهم بأن يجعلوها متعةً إلا من ساق الهدي، فمن المحال أن يكون غير هذا الحجِّ أفضلَ منه، إلا حجَّ من قرنَ وساق الهدي، كما اختاره الله لنبيِّه، فهذا هو الذي اختاره الله لنبيِّه، واختار لأصحابه التَّمتُّع، فأيُّ حجٍّ أفضل من هذين؟ ولأنَّه من المحال أن ينقلهم من النُّسك الفاضل إلى المفضول المرجوح، ولوجوهٍ أُخر كثيرةٍ ليس هذا موضعها، فرجحانُ هذا النُّسك أفضلُ من البقاء على الإحرام الذي يفوته (٣) بالفسخ. وقد تبيَّن بهذا بطلان الوجه الثَّاني.

وأمَّا قولكم: إنَّه نُسكٌ مجبورٌ بالهدي، فكلامٌ باطلٌ من وجوهٍ:

أحدها: أنَّ الهدي في التمتُّع عبادةٌ مقصودةٌ هو من تمام النُّسك، وهو دم شُكرانٍ لا دم جُبرانٍ، وهو بمنزلة الأضحية للمقيم هي (٤) من تمام عبادة هذا اليوم، فالنُّسك المشتمل على هذا الدَّم بمنزلة العيد المشتمل (٥) على الأضحية، فإنَّه ما تُقرِّب إلى الله في ذلك اليوم بمثل إراقة دمٍ سائلٍ.

وقد روى الترمذي وغيره (٦) من حديث أبي بكرٍ الصِّدِّيق أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) في المطبوع: «تكون حجة».
(٢) ق، ب، مب: «حجة». والمثبت من ك، ص، ج.
(٣) ص: «يقرنه»، تحريف.
(٤) في المطبوع: «وهو».
(٥) ص، ج: «المشتملة».
(٦) رواه الترمذي (٨٢٧) وابن ماجه (٢٩٢٤) واللفظ له، وفي إسناده انقطاع؛ فإن محمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع، لكن له شاهد يقويه. والحديث صححه ابن خزيمة (٢٦٣١) والحاكم (١/ ٤٥٠). وانظر: «السلسلة الصحيحة» (١٥٠٠).