للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سئل: أيُّ الأعمال (١) أفضل؟ فقال: «العَجُّ والثَّجُّ». والعجُّ: رفع الصَّوت بالتَّلبية، والثَّجُّ: إراقة دماء الهدي.

فإن قيل: يُمكن المفرِدَ أن يحصِّل هذه الفضيلة.

قيل: مشروعيتها إنَّما جاءت في حقِّ القارن والمتمتِّع، وعلى تقدير استحبابها في حقِّه فأين ثوابها من ثواب هدي المتمتِّع والقارن؟

الوجه الثَّاني: أنَّه لو كان دم جبرانٍ لما جاز الأكل منه، وقد ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه أكل من هَدْيه، فإنَّه أمر من كلِّ بدنةٍ ببَضْعةٍ فجُعِلت في قِدرٍ، فأكل من لحمها، وشرب من مَرَقها (٢). وإن كان الواجب عليه سُبْعَ بدنةٍ، فإنَّه أكل من كلِّ بدنةٍ من المائة، والواجب فيها مُشاعٌ لم يتعيَّن بقسمةٍ.

وأيضًا، فإنَّه قد ثبت في «الصَّحيح» (٣) أنَّه أطعم نساءه من الهدي الذي ذبحه عنهنَّ وكنَّ متمتِّعاتٍ، احتجَّ به الإمام أحمد، فثبت في «الصَّحيحين» (٤) عن عائشة أنَّه أهدى عن نسائه، ثمَّ أرسل إليهنَّ من الهدي الذي ذبحه عنهنَّ.

وأيضًا، فإنَّ الله سبحانه قال فيما يُذبَح بمنًى من الهدايا (٥): {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨]، وهذا يتناول هديَ التمتُّع


(١) في المطبوع: «الحج». والمثبت من النسخ، والرواية بالوجهين.
(٢) رواه مسلم (١٢١٨/ ١٤٧) من حديث جابر - رضي الله عنه - .
(٣) في المطبوع: «الصحيحين».
(٤) البخاري (١٧٢٠) ومسلم (١٢١١/ ١٢٥).
(٥) في المطبوع: «الهدي».