للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقِران قطعًا إن لم يختصَّ به، فإنَّ المشروع هناك ذبح هدي المتعة والقران. ومن هاهنا ــ والله أعلم ــ أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من كلِّ بدنةٍ ببَضْعةٍ، فجُعِلت في قِدرٍ امتثالًا لأمر ربِّه تعالى بالأكل، ليعُمَّ به جميعَ هديه.

الوجه الثَّالث: أنَّ سبب الجبران محظورٌ في الأصل، فلا يجوز الإقدام عليه إلا لعذرٍ، فإنَّه إمَّا تركُ واجبٍ أو فعلُ محظورٍ، والتَّمتُّع مأمورٌ به: إمَّا أمر إيجابٍ عند طائفةٍ كابن عبَّاسٍ وغيره، أو أمر استحبابٍ عند الأكثرين، فلو كان دمه دمَ جُبرانٍ لم يجز الإقدام على سببه بغير عذرٍ، فبطل قولهم إنَّه دم جبرانٍ، وعُلِم أنَّه دم نسكٍ وهدي (١) وسَّع الله به على عباده، وأباح لهم بسببه التَّحلُّل في أثناء الإحرام، لما في استمرار الإحرام عليهم من المشقَّة، فهو بمنزلة القصر والفطر في السَّفر، وبمنزلة المسح على الخفَّين، وكان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهديُ أصحابه فِعْل هذا وهذا (٢)، واللَّه تعالى يحبُّ أن يؤخذ برُخَصِه، كما يكره أن تُؤتى معصيتُه (٣)، فمحبَّته لأخذ العبد بما يسَّره عليه وسهَّله له، مثلُ (٤) كراهيته منه لارتكابه ما حرَّمه عليه ومنعَه منه.

والهدي وإن كان بدلًا عن ترفُّهه بسقوط أحد السَّفرين، فهو أفضل لمن قدِم في أشهر الحجِّ من أن يأتي بحجٍّ مفردٍ ويعتمر عقيبَه (٥)، والبدل قد يكون


(١) في المطبوع: «وهذا» خلاف النسخ.
(٢) في ص: «هذا» ثلاث مرات.
(٣) كما في حديث ابن عمر الذي رواه أحمد (٥٨٦٦) والبزار (٥٩٩٨)، وصححه ابن خزيمة (٢٠٢٧) وابن حبان (٢٧٤٢) والألباني في «إرواء الغليل» (٣/ ٩).
(٤) ك: «بمثل».
(٥) ب: «بنفسه»، تحريف.