للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه. والحديث الآخر إنَّما فيه: أنَّهم رَمَوها مع الفجر.

ثمَّ تأمَّلنا، فإذا أنَّه لا تعارضَ بين هذه الأحاديث، فإنَّه أمر الصِّبيان أن لا يرموا الجمرةَ حتَّى تطلع الشَّمس، فإنَّه لا عذْرَ لهم في تقديم الرَّمي. أمَّا مَن قدَّمه من النِّساء فرمَينَ (١) قبلَ طلوع الشَّمس للعذر، والخوفِ عليهنَّ من مزاحمة النَّاس وحَطْمتِهم. وهذا الذي دلَّت عليه السُّنَّة، جواز الرَّمي قبل طلوع الشَّمس للمعذور (٢) بمرضٍ أو كبرٍ يشقُّ عليه مزاحمةُ النَّاس لأجله، وأمَّا القادر الصَّحيح فلا يجوز له ذلك.

وفي المسألة ثلاثة مذاهب:

أحدها: الجواز بعد نصف اللَّيل مطلقًا للقادر والعاجز، كقول الشافعيِّ وأحمد.

والثَّاني: لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر، كقول أبي حنيفة.

والثَّالث: لا يجوز لأهل القدرة إلا بعد طلوع الشَّمس، كقول جماعةٍ من أهل العلم.

والَّذي دلَّت عليه السُّنَّة إنَّما هو التَّعجيل بعد غيبوبة القمر، لا نصف اللَّيل، وليس مع من حدَّه بالنِّصف دليلٌ، والله أعلم.

فصل

فلمَّا طلع الفجر صلَّاها في أوَّل الوقت ــ لا قبلَه قطعًا ــ بأذانٍ وإقامةٍ يوم النَّحر، وهو يوم العيد، وهو يوم الحجِّ الأكبر، وهو يوم الأذان ببراءة الله


(١) ص: «فيرمين».
(٢) ق، م، ب، مب والمطبوع: «للعذر». والمثبت من بقية النسخ.