للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسوله من كلِّ مشركٍ.

ثمَّ ركب حتَّى أتى موقفَه عند المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، وأخذ في الدُّعاء والتَّضرُّع والتَّكبير والتَّهليل والذِّكر حتَّى أسفرَ جدًّا، وذلك قبل طلوع الشَّمس.

وهنالك سأله عروة بن مُضرِّس الطائي فقال: يا رسول الله, إنِّي (١) جئتُ من جبلَيْ طيِّئٍ، أَكللتُ راحلتي، وأتعبتُ نفسي، والله ما تركتُ من حَبْلٍ (٢) إلا وقفتُ عليه (٣)، فهل لي من حجٍّ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شهدَ صلاتَنا هذه فوقفَ معنا حتَّى نَدفعَ، وقد وقفَ بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد تمَّ (٤) حجُّه، وقضى تَفَثَه». قال الترمذي (٥): حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وبهذا احتجَّ من ذهب إلى أنَّ الوقوف بمزدلفة والمبيت بها ركنٌ كعرفة، وهو مذهب اثنين من الصَّحابة: ابن عبَّاسٍ وابن الزبير، وإليه ذهب إبراهيم


(١) «إني» ليست في ص.
(٢) كذا في النسخ والرواية بالحاء، ونبّه عليه الترمذي. والحبل: ما اجتمع وارتفع من الرمل. وفي المطبوع: «جبل».
(٣) «عليه» ليست في ك.
(٤) في المطبوع: «أتم» كما في رواية الترمذي. والمثبت من النسخ موافق لما في المصادر الأخرى.
(٥) ورواه برقم (٨٩١)، ورواه أيضًا أحمد (١٦٢٠٨) وأبو داود (١٩٥٠) والنسائي (٣٠٣٩) وابن ماجه (٣٠١٦). وصححه الترمذي وابن خزيمة (٢٨٢٠) وابن حبان (٣٨٥١) والحاكم (١/ ٤٦٣)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط كافة أئمة الحديث، وهي قاعدة من قواعد الإسلام».