للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهاتان الحجَّتان واهيتان، فإنَّه إنَّما كان قارنًا (١) لمَّا طاف للعمرة، فكان طوافه للعمرة مغنيًا عن طواف القدوم، كمن دخل المسجد فرأى الصَّلاة قائمةً، فدخل فيها، قامت مقامَ تحيَّة المسجد وأغنَتْه عنها.

وأيضًا فإنَّ الصَّحابة لمَّا أحرموا بالحج مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يطوفوا عقيبَه، وكان أكثرهم متمتِّعًا. وروى الحسن (٢) عن أبي حنيفة أنَّه إن (٣) أحرم يوم التَّروية قبل الزَّوال طاف وسعى للقدوم، وإن أحرم بعد الزَّوال لم يطفْ، وفرَّق بين الوقتين بأنَّه بعد الزَّوال يخرج من فَوره إلى منًى، فلا يشتغل عن الخروج بغيره، وقبلَ الزَّوال لا يخرج فيطوف. وقول ابن عبَّاسٍ والجمهور هو الصَّحيح الموافق (٤) لعمل الصَّحابة، وباللَّه التَّوفيق.

فصل

والطَّائفة الثَّانية قالت: إنَّه - صلى الله عليه وسلم - سعى مع هذا الطَّواف، وقالوا: هذا حجَّةٌ في أنَّ القارن يحتاج إلى سعيين كما يحتاج إلى طوافين. وهذا غلطٌ عليه كما تقدَّم، والصَّواب أنَّه لم يسْعَ إلا سعيَه الأوَّل كما قالته عائشة وجابر، ولم يصحَّ عنه في السَّعيين حرفٌ واحدٌ، بل كلُّها باطلةٌ كما تقدَّم، فعليك بمراجعته.


(١) ك، ص، ج: «قادمًا». والمثبت من ق، ب، مب.
(٢) كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع: «محمد بن الحسن».
(٣) ق: «أنه قال إن». والمثبت من بقية النسخ.
(٤) «الموافق» ليست في ك.