للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

والطَّائفة الثَّالثة الذين قالوا: أخَّر طواف الزِّيارة إلى اللَّيل، وهم طاوسٌ ومجاهد وعروة. ففي سنن أبي داود والنَّسائيِّ وابن ماجه (١) من حديث أبي الزبير المكيِّ عن عائشة وجابر (٢): أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخَّر طوافَ يوم النَّحر إلى اللَّيل. وفي لفظٍ: «طواف الزِّيارة». قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ.

وهذا الحديث غلطٌ بيِّنٌ، خلافُ المعلوم من فعله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يشكُّ فيه أهل العلم بحجَّته - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نذكر كلام النَّاس فيه:

قال الترمذي في كتاب «العلل» (٣) له: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث وقلت له: سمع أبو الزبير من عائشة وابن عبَّاسٍ؟ قال: أمَّا من (٤) ابن عبَّاسٍ فنعم، وإنّ في سماعه من عائشة نظرًا.

وقال أبو الحسن بن القطَّان (٥): عندي أنَّ هذا الحديث ليس بصحيحٍ، إنَّما طاف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ نهارًا، وإنَّما اختلفوا: هل صلَّى الظُّهر بمكَّة أو رجع إلى منًى، فصلَّى بها بعد أن فرغ من طوافه؟ فابن عمر يقول: إنَّه رجع


(١) رواه أبو داود (٢٠٠٠) والترمذي (٩٢٠) والنسائي في «الكبرى» (٤١٥٥)، وإسناده ضعيف لأجل عنعنة أبي الزبير، ولكنه توبع بطاوس عند ابن ماجه (٣٠٥٩). ولكن روايات جابر وابن عمر وأبي سلمة عن عائشة تقدم عليه، لكونها أصح وأشهر وأكثر رواة، فوجب تقديمها. انظر: «المجموع» (٨/ ٢٢٣).
(٢) كذا في جميع النسخ، والصواب: «عن عائشة وابن عباس» كما في المصادر.
(٣) «العلل الكبير» (ص ١٣٤).
(٤) «من» ليست في ك، ص، ج.
(٥) «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٦٤ - ٦٧).