للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة. واختُلِف في ترجيح أحد هذين القولين على الآخر، فقال أبو محمد بن حزم (١): قول عائشة وجابر أولى، وتبعه على هذا جماعةٌ، ورجَّحوا هذا القول بوجوهٍ (٢):

أحدها: أن رُواتَه اثنان (٣)، وهما أولى من الواحد.

الثَّاني: أنَّ عائشة أخصُّ النَّاس به، ولها من القرب والاختصاص والمزيَّة ما ليس لغيرها.

الثَّالث: أنَّ سياق جابر لحجَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أوَّلها إلى آخرها أتمُّ سياقٍ، وقد حفظ القصَّة وضبطَها، حتَّى ضبط جزئيَّاتِها، حتَّى ضبط منها أمرًا لا يتعلَّق بالمناسك، وهو نزول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ جمعٍ (٤) في الطَّريق، فقضى حاجته عند الشِّعب، ثمَّ توضَّأ وضوءًا خفيفًا. فمن ضبط هذا القدر فهو بضبط مكان صلاته يومَ النَّحر أولى.

الرَّابع: أنَّ حجَّة الوداع كانت في آذار، وهو تساوي اللَّيل والنَّهار، وقد دفع من مزدلفة قبل طلوع الشَّمس إلى منًى، وخطب بها النَّاس، ونحر بُدْنًا عظيمةً وقسَمَها، وطُبخ له من لحمها وأكل منه، ورمى الجمرة، وحلق رأسه،


(١) قال في «حجة الوداع» (ص ٢٠٩): وهما ــ والله أعلم ــ أضبط لذلك من ابن عمر، فعائشة أخص به عليه السلام من جميع الناس. وانظر (ص ٢٩٦) منه. ولكنه في (ص ١٢٤) قال: أشكل علينا الفصل فيه بصحة الطرق في ذلك، ولا شك أن أحد الخبرين وهم والثاني صحيح، ولا ندري أيهما هو.
(٢) انظر بعضها عند ابن حزم في «حجة الوداع» (ص ٢٩٦).
(٣) كذا في أكثر النسخ. وفي مب: «روايه». وفي المطبوع: «أنه رواية اثنين».
(٤) «ليلة جمع» ليست في م، مب.