للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطيَّب (١)، ثمَّ أفاض، فطاف، وشرب من ماء زمزم ومن نبيذ السِّقاية، ووقف عليهم وهم يَسقُون. وهذه أعمالٌ يبدو في الأظهر أنَّها لا تنقضي في مقدارٍ يمكن معه الرُّجوع إلى منًى، بحيث يدرك وقت الظُّهر في فصل آذار.

الخامس: أنَّ هذين الحديثين جاريان مجرى النَّاقل والمُبقي، فإن عادته - صلى الله عليه وسلم - كانت في حجَّته الصَّلاة في منزله الذي هو نازلٌ فيه بالمسلمين، فجرى ابن عمر على العادة، وضبط جابر وعائشة الأمر الذي هو خارجٌ عن عادته، فهو أولى بأن يكون هو المحفوظ.

ورجَّحت طائفةٌ أخرى قول ابن عمر بوجوهٍ:

أحدها: أنَّه لو صلَّى الظُّهر بمكَّة لم يُصلِّ أصحابه بمنًى وُحدانًا ولا زَرافاتٍ، بل لم يكن لهم بدٌّ من الصَّلاة خلف إمامٍ يكون نائبًا عنه، ولم ينقل هذا أحدٌ قطُّ، ولا نقل أحدٌ أنَّه استناب من يصلِّي بهم. ولولا علمه أنَّه يرجع إليهم فيصلِّي بهم لقال: إن حضرت الصَّلاة ولستُ عندكم فليصلِّ بكم فلانٌ، وحيثُ لم يقع هذا ولا هذا، ولا صلَّى الصَّحابة هناك (٢) وُحدانًا قطعًا، ولا كان من عادتهم إذا اجتمعوا أن يصلُّوا عِزِين (٣)، عُلِم أنَّهم صلَّوا معه على عادتهم.

الثَّاني: أنَّه لو صلَّى بمكَّة لكان خلفه بعض أهل البلد وهو مقيم (٤)،


(١) بعدها في ص، ك، ج: «وخطب». وليست في ق، م، ب، مب.
(٢) «هناك» ليست في ك.
(٣) أي جماعات متفرقة.
(٤) في المطبوع: «وهم مقيمون».