للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يأمرهم أن يتمُّوا صلاتهم، ولنُقِل (١) أنَّهم قاموا فأتمُّوا بعد سلامه صلاتَهم. وحيث لم يُنقل هذا ولا هذا، بل هو معلوم الانتفاء قطعًا، عُلِم أنَّه لم يصلِّ حينئذٍ بمكَّة. وما ينقله بعض من لا علمَ عنده أنَّه قال: «يا أهلَ مكَّة أتِمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سَفْرٌ» (٢) فإنَّما قاله عامَ الفتح، لا في حجَّته.

الثَّالث: أنَّه من المعلوم أنَّه لمَّا طاف ركع ركعتي الطَّواف، ومعلومٌ أنَّ كثيرًا من المسلمين كانوا خلفه يقتدون به في أفعاله ومناسكه، فلعلَّه لمَّا ركع ركعتي الطَّواف، والنَّاس خلفه يقتدون به، ظنَّ الظَّانُّ أنَّها صلاة الظُّهر، ولا سيَّما إذا كان ذلك في وقت الظُّهر. وهذا الوهم لا يمكن رفعُ (٣) احتماله بخلاف صلاته بمنًى، فإنَّها لا تحتمل غير الفرض.

الرَّابع: أنَّه لا يُحفظ عنه في حجته (٤) أنَّه صلَّى الفرض بجوف مكَّة، بل إنَّما كان يصلِّي بمنزله (٥) بالمسلمين مدَّة مقامه، كان يصلِّي بهم أين نزلوا، لا يصلِّي في مكانٍ آخر غير المنزل العامِّ.

الخامس: أنَّ حديث ابن عمر متَّفقٌ عليه، وحديث جابر من أفراد مسلم. فحديث ابن عمر أصحُّ منه، وكذلك هو في إسناده، فإنَّ رواته أحفظ وأشهر


(١) في المطبوع: «ولم ينقل» خلاف النسخ.
(٢) رواه أبو داود (١٢٢٩) وابن خزيمة (١٦٤٣) وغيرهما من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
(٣) ك، ص، ج: «دفع». والمثبت من ق، ب، مب.
(٤) ب، م، مب: «حجه».
(٥) بعدها في المطبوع: «بالأبطح». وليست في النسخ.