للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا وهمٌ ظاهرٌ؛ فإنَّه إنَّما (١) قال ذلك بعد رجوعه إلى المدينة من حجَّته، قال لأم سِنان الأنصارية: «ما منعَكِ أن تكوني حججتِ معنا؟»، قالت: لم يكن لنا إلا ناضحانِ (٢)، فحجَّ أبو ولدي وابني على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضَحُ عليه. فقال: «فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإنَّ عمرةً في رمضان تقضي حجَّةً». هكذا رواه مسلم في «الصحيح» (٣).

وكذلك أيضًا قال هذا لأم مَعقِل بعد رجوعه إلى المدينة، كما رواه أبو داود (٤) من حديث يوسف بن عبد الله بن سلامٍ عن جدَّته أم مَعقِل، قالت: لمَّا حجَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجَّة الوداع، وكان لنا جملٌ فجعله أبو مَعقِل في سبيل اللَّه، فأصابنا مرضٌ، فهلك أبو معقل، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا فرغ (٥) جئتُه، فقال: «ما منعكِ أن تخرجي معنا؟»، فقالت: لقد تهيَّأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جملٌ هو الذي نحجُّ عليه، فأوصى به أبو مَعقِل في سبيل اللَّه. قال: «فهلَّا خرجتِ عليه؟ فإنَّ الحجَّ من سبيل اللَّه، فإذْ فاتتْكِ هذه الحجَّة معنا فاعتمري في رمضان؛ فإنَّها حجَّة (٦)».


(١) ك، ب، ج: «فإنما».
(٢) الناضح: الدابة يُستقى عليها.
(٣) برقم (١٢٥٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - .
(٤) برقم (١٩٨٩)، وفي إسناده عيسى بن معقل لم يذكره إلا ابن حبان في الثقات، وأيضًا فيه ابن إسحاق، ولكن الحديث له طرق وشواهد تقويه، من ذلك الحديث الذي قبله. وانظر: «التلخيص الحبير» (٢/ ٢٢٧) و «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٢٣٠).
(٥) «فرغ» ليست في ب.
(٦) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «كحجة» وفق الرواية.