وحفظ الصحة، واستفراغ المادة المضرة. وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه ... وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله ... وهو الرؤوف الرحيم» (١/ ١٦٩ - ١٧٠). وقد أعاد هذا الكلام كله مع الآيات التي استدل بها في قسم الطب النبوي في المجلد الرابع، فلو كان في نيته عند ابتداء التأليف أن يخصص فصولا كثيرة تصلح أن تكون كتابًا مفردًا في الطب النبوي (وقد أُفرِد بالفعل فيما بعد بعنوان «الطب النبوي»، وبين أيدينا نسخة منه مكتوبة سنة ٧٨٨ أي بعد وفاة المؤلف بسبع وثلاثين سنة) لأشار إلى ذلك في هذا الموضع. هذه واحدة. والأمر الآخر أن ما يمكن أن يسمى الطب النبوي في الحقيقة ــ وكان خليقًا بأن يلحق بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب الخطة الأولى ــ لا يتجاوز ربع ما أورده في قسم الطب النبوي.
وقد ذكر ابن رجب في ترجمة المؤلف كتابًا آخر له بعنوان «زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدي خاتم الأنبياء»، ذكره قبل «زاد المعاد في هدي خير العباد» متصلًا به. ولا فرق بين العنوانين في المضمون كما ترى، فكلاهما في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنهما مختلفان في الحجم، فقد صرح ابن رجب بأن زاد المسافرين في مجلد واحد، وزاد المعاد في أربع مجلدات. فهل المؤلف نفسه أدرك بعد ما استطال الكتاب أنه استدبر من أمره غير ما استقبل، فاختصره في مجلد واحد؛ أو هي المسودة الأولى قبل أن تنضم إليها أبواب المغازي والطب والأقضية؟ لعل الثاني أقرب. وقد ذكر السخاوي هذا المختصر في «الجواهر والدرر»(ص ١٢٥٤)، فقال:«ولابن القيم كتاب الهدي النبوي لا نظير له، وآخر أخصر منه».
وكأن الفيروزابادي صاحب «القاموس» لاحظ أيضًا ما قصده المؤلف