للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأيتها رافعةً يديها حتَّى أتى منًى. رواه أبو داود (١).

وكذلك أنكره طاوسٌ والشعبيُّ، قال الشعبيُّ: حدَّثني أسامة بن زيدٍ أنَّه أفاض مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، فلم ترفع راحلته رجليها غاديةً (٢) حتَّى بلغ جمعًا. قال: وحدَّثني الفضل بن عبَّاسٍ أنَّه كان رديفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣) من جمعٍ، فلم ترفع راحلته رجليها غاديةً حتَّى رمى الجمرة (٤). وقال عطاء: إنَّما أحدث هؤلاء الإسراع، يريدون أن يفوتوا الغبارَ (٥).

ومنشأ هذا الوهم اشتباه الإيضاع وقتَ الدَّفع من عرفة الذي يفعله الأعراب وجُفاة النَّاس بالإيضاع في وادي محسِّرٍ، فإنَّ الإيضاع هناك بدعةٌ لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل نهى عنه، والإيضاع في وادي محسِّرٍ سنَّةٌ نقلها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جابر وعليُّ بن أبي طالبٍ والعبَّاس بن عبد المطَّلب، وفعله عمر بن الخطَّاب، وكان ابن الزبير يُوضِع أشدَّ الإيضاع، وفعلته عائشة، وغيرهم (٦) من الصَّحابة (٧)، والقول في هذا قول من أثبتَ، لا قول من نفى، والله أعلم.


(١) برقم (١٩٢٠)، ورواه أحمد (٢٥٠٧) والحاكم (١/ ٤٦٥)، والبيهقي (٥/ ١٢٦)، وصححه الحاكم والألباني، والحديث عند البخاري من طريق آخر مختصرًا (١٦٧١). وانظر: «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ١٦٨).
(٢) ق، ب، مب: «رجلها عادية». والمثبت من بقية النسخ. والرواية في المصادر بالوجهين.
(٣) بعدها خرم كبير في م يبلغ مئة صفحة من هذه الطبعة.
(٤) رواه أحمد (١٨٢٩) والبيهقي (٥/ ١٢٧).
(٥) أورده البيهقي (٥/ ١٢٧).
(٦) ك: «وغيرها».
(٧) انظر هذه الأحاديث والآثار في «السنن الكبرى» للبيهقي (٥/ ١٢٥، ١٢٦).