للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ولمَّا كان كلُّ عبد متحركًا (١) بالإرادة، والهمُّ مبدأ الإرادة، وترتَّب على إرادته حرثُه وكسبُه= كان أصدقَ الأسماء اسمُ «همَّامٍ» واسمُ «حارثٍ»؛ إذ لا ينفكُّ مسمَّاهما عن حقيقة معناهما. ولمَّا كان المُلْك الحقُّ لله وحده، ولا مَلِكَ على الحقيقة سواه= كان أخنعَ اسمٍ وأوضعَه عند اللَّه وأغضبَه له اسمُ «شاهان شاه» أي: ملك الملوك وسلطان السَّلاطين، فإنَّ ذلك ليس لأحدٍ غير الله، فتسمية غيره بهذا من أبطل الباطل، والله لا يحبُّ الباطل.

وقد ألحق بعض أهل العلم (٢) بهذا «قاضي القضاة»، وقال: ليس قاضي القضاة (٣) إلا من يقضي الحقَّ وهو خير الفاصلين، الذي إذا قضى أمرًا فإنَّما يقول له: كن فيكون. ويلي هذا الاسمَ في الكراهة والقبح والكذب سيِّدُ النَّاس، وسيِّد الكلِّ، وليس ذلك إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً، كما قال: «أنا سيِّد ولد آدم (٤)» (٥)، فلا يجوز لأحدٍ قطُّ أن يقول عن غيره: إنَّه سيِّد النَّاس (٦)، كما لا يجوز أن يقول: إنَّه سيِّد ولد آدم.


(١) ك: «متحرك».
(٢) نقله الأذرعي عن بعض الشافعية, كما في «تحفة المحتاج» (٩/ ٣٧٥).
(٣) «وقال ليس قاضي القضاة» ساقطة من ك.
(٤) بعدها في المطبوع: «يوم القيامة ولا فخر». وليست في النسخ.
(٥) رواه مسلم (٢٢٧٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. ورواه أيضًا البخاري (٣٣٤٠) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ضمن حديث طويل، بلفظ: «أنا سيد القوم يوم القيامة ... ».
(٦) بعدها في المطبوع: «وسيد الكل». وليست في النسخ.