للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف هؤلاء في جواز تسمية المولود بقاسمٍ، فأجازه طائفةٌ ومنعه آخرون، والمجيزون نظروا إلى أنَّ العلَّة عدم مشاركة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما اختصَّ به من الكنية، وهذا غير موجودٍ في الاسم، والمانعون نظروا إلى أنَّ المعنى الذي نهى عنه في الكنية مثلُه في الاسم سواءٌ، أو هو أولى بالمنع. قالوا: وفي قوله: «وإنَّما أنا قاسمٌ» إشعارٌ بهذا الاختصاص.

القول الثَّاني: أنَّ النَّهي عن الجمع بين اسمه وكنيته، فإذا أُفرِد أحدهما عن الآخر فلا بأسَ. قال أبو داود: باب من رأى أن لا يُجمَع بينهما، ثمَّ ذكر (١) حديث أبي الزبير عن جابر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تَسمَّى باسمي فلا يتكنَّى بكنيتي، ومن اكتنَى (٢) بكنيتي فلا يتسمَّى (٣) باسمي». ورواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

وقد رواه الترمذي (٤) أيضًا من حديث محمَّد بن عَجْلان عن أبيه عن أبي هريرة، وقال: حسنٌ صحيحٌ، ولفظه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَجْمع أحدٌ بين اسمِه وكُنيته، ويُسمِّيَ محمَّدًا أبا القاسم». قال أصحاب هذا القول: فهذا مقيِّدٌ مفسِّرٌ لما في «الصَّحيحين» من نهيه عن التكنِّي بكنيته، قالوا: ولأنَّ في الجمع بينهما مشاركةً في الاختصاص بالاسم والكنية، فإذا أُفرِد أحدهما عن الآخر زال الاختصاص.


(١) برقم (٤٩٦٦)، وأحمد (١٤٣٥٧)، وفي إسناده أبو الزبير عنعنه ولم يصرح بالتحديث، ولكنه توبع بالحسين بن واقد عند الترمذي (٢٨٤٢) وحسنه.
(٢) كذا في النسخ. وفي السنن: «تكنَّى».
(٣) في ق، ب، مب: «فلا يتَسمَّ». والمثبت من بقية النسخ موافق لما في السنن.
(٤) برقم (٢٨٤١)، وصححه هو وابن حبان (٥٨١٥). وانظر: «السلسلة الصحيحة» (٢٩٤٦).