للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثَّالث: جواز الجمع بينهما، وهو المنقول عن مالك (١). واحتجَّ أصحاب هذا القول بما رواه أبو داود والترمذيُّ (٢) من حديث محمَّد بن الحنفيَّة عن علي قال: قلت: يا رسول الله، إن وُلِدَ لي من بعدك ولدٌ أُسمِّيه باسمك وأكنِّيه بكنيتك؟ قال: «نعم». قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وفي «سنن أبي داود» (٣) عن عائشة قالت: جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنِّي قد ولدتُ غلامًا فسمَّيتُه محمَّدًا وكنَّيته أبا القاسم، فذُكِر لي أنَّك تكره ذلك، فقال: «ما الذي أحلَّ اسْمي وحرَّم كنيتي؟» أو «ما الذي حَرَّم كُنيتي وأحلَّ اسْمي؟» قال هؤلاء: وأحاديث المنع منسوخةٌ بهذين الحديثين.

القول الرَّابع: إنَّ التكنِّي بأبي القاسم كان ممنوعًا في حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو جائزٌ بعد وفاته. قالوا: وسبب النَّهي إنَّما كان مختصًّا بحياته، فإنَّه قد ثبت في «الصَّحيح» (٤) من حديث أنس قال: نادى رجلٌ بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول اللَّه، إنِّي لم أَعْنِكَ، إنَّما دعوتُ فلانًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَسَمَّوا باسْمي ولا تَكَنَّوا بكنيتي». قالوا: وحديث


(١) كما في «الروض الأنف» (٣/ ١٨٢).
(٢) أبو داود (٤٩٦٧) والترمذي (٢٨٤٦)، وصححه الترمذي والحاكم (٤/ ٢٧٨)، وجوَّده ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/ ١٦٤).
(٣) برقم (٤٩٦٨). وفي إسناده محمد بن عمران الحجبي، قال الذهبي عنه في «الميزان» (٣/ ٦٧٢): «له حديث، وهو منكر، وما رأيت لهم فيه جرحًا ولا تعديلًا».
(٤) رواه مسلم (٢١٣١).