للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمن يصلح لهذه النعمة ويشكرها ويعرفُ قدرَها ويحبُّ المنعم عليها (١)، فتَصْلُح (٢) عنده هذه النعمة (٣)، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣]. فإذا فاتت العبدَ نعمةٌ من نِعَم ربه فليقرأ على نفسه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}.

ثم عزَّاهم تعالى بعزاءٍ آخر (٤)، وهو أن جهادهم فيه إنما هو لأنفسهم، وثمرته عائدة عليهم، وأنه غني عن العالمين، ومصلحة هذا الجهاد ترجع إليهم لا إليه سبحانه، ثم أخبر أنه يُدخلهم بجهادهم وإيمانهم في زمرة الصالحين.

ثم أخبر عن حال الداخل في الإيمان بلا بصيرةٍ (٥)، وأنه إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس له ــ وهي أذاهم له ونيلهم إياه بالمكروه والألم الذي لا بد أن يناله الرسلُ وأتباعُهم ممن خالفهم ــ، جعل ذلك في فراره منه وتركه


(١) أي يحبُّ العبدُ ربَّه على هذه النعمة. وفي المطبوع: «عليه»، وفي ز ضرب بعضهم على «عليها» وكتب فوقه: «عليه بها»، وكلُّ ذلك توهّمًا أن الضمير يرجع إلى العبد وأن الجار متعلق بـ «المنعم»، وليس كذلك، وإنما يرجع الضمير إلى النعمة ويتعلّق الجار بـ «يحبُّ».
(٢) ج: «فيضع»، تصحيف.
(٣) بعده في المطبوع: «ويصلح بها»، وليست في الأصول.
(٤) وذلك في قوله تعالى: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} في مطلع سورة العنكبوت.
(٥) وذلك في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ} الآية.