للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكد هذا العزاء والتسلية برجاء لقائه (١) ليَحمِل العبدَ اشتياقُه إلى لقاء ربه ووليِّه على تحمُّلِ مشقة الألم العاجل، بل ربما غيَّبه الشوق إلى لقائه عن شهود الألم والإحساس به، ولهذا سأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه الشوقَ إلى لقائه فقال في الدعاء الذي رواه أحمد وابن حبان (٢): «اللهم إني أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيِني إذا كانت الحياةُ خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي، وأسألك خشيتَك في الغيبِ والشهادة، وأسألك كلمةَ الحقِّ في الغضب والرضى، وأسألك القصدَ في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا يَنْفَد، وأسألك قُرَّةَ عَينٍ لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك بردَ العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوقَ إلى لقائك في غيرِ ضرَّاءَ مُضرَّةٍ ولا فتنةٍ مُضلَّة، اللهم زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداةً مهتدين».

فالشوق يحمِل المشتاقَ على الجِدِّ في السَّير إلى محبوبه، ويقرِّب عليه الطريق ويطوي له البُعدَ (٣) ويُهوِّن عليه الآلام والمشاقَّ، وهو من أعظم نعمة أنعمها الله (٤) على عبده، ولكن لهذه النعمة أقوالٌ وأعمال هما السبب الذي تُنال به، والله سبحانه سميع لتلك الأقوال، عليم بتلك الأفعال، وهو عليم


(١) م، ق، ب: «لقاء ربه».
(٢) أحمد (١٨٣٢٥) وابن حبّان (١٩٧١)، وأخرجه أيضًا النسائي (١٣٠٥، ١٣٠٦) والحاكم (١/ ٥٢٤)، من طريقين عن عمّار بن ياسر - رضي الله عنه -. وهو حديث صحيح.
وفي الباب عن زيد بن ثابت وفَضالة بن عُبيد مرفوعًا، وعن عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه.
(٣) ص، ز، ك، ع، ن: «البعيد».
(٤) ص، ز، ج، ن: «أنعم الله بها»، والمثبت ورد في هامش ص أيضًا وكتب عليه: «الأصل».