للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤنة الناس، ومن أرضى الناسَ بسخط الله لم يُغْنُوا عنه من الله شيئًا (١).

ومن تأمل أحوال العالم رأى هذا كثيرًا فيمن يُعين الرؤساءَ على أغراضهم الفاسدة، وفيمن يعين أهلَ البدع على بِدَعهم (٢) هربًا من (٣) عقوبتهم، فمن هداه الله وألهمه رُشْدَه ووقاه شرَّ نفسه امتنع من الموافقة على فعل المحرَّم وصبر على عداوتهم ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، كما كانت الرسلُ (٤) وأتباعُهم كالمهاجرين والأنصار، ومن ابتلي من العلماء والعباد وصالحي الولاة والتجار وغيرِهم.

ولما كان الألم لا مَخْلَص (٥) منه البتة عزَّى سبحانه مَن اختار الألم اليسير المنقطع على العظيم المستمر بقوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: ٥]، فضرب لمدة هذا الألم أجلًا لا بد أن يأتي وهو يوم لقائه، فيلتذُّ العبدُ أعظمَ لذَّةٍ بما تحمَّل من الألم من أجله وفي مرضاته، وتكون لذَّتُه وسروره وابتهاجه بقدرِ ما تحمَّل من الألم في الله ولله.


(١) أخرجه الترمذي (٢٤١٤) وأحمد في «الزهد» (٩١٠) وأبو داود أيضًا في «الزهد» (٣٢٩) وأبو القاسم البغوي في «حديث ابن الجعد» (١٥٩٣) عن عائشة موقوفًا عليها بأسانيد صحاح. ورُوي ذلك مرفوعًا عنها عند الترمذي (٢٤١٤) وابن حبان (٢٧٦، ٢٧٧) وغيرهما، ولا يصحّ. انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (١٨٠٠) وللدارقطني (٣٥٢٤) و «الضعفاء» للعقيلي (٤/ ٤٣٦).
(٢) ص، ز: «بدعتهم».
(٣) ص، ج: «هو يأمن»، تحريف، وكذا كُتب في ز ثم أُصلح.
(٤) ص، ز، ج، المطبوع: «للرسل».
(٥) ز: «يُخلَص». والمطبوع: «محيص»، تصحيف لأنه يقتضي أن يليه «عنه».