للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجَدَّت قريش في طلبهما وأخذوا معهم القافة حتى انتهوا إلى باب الغار فوقفوا عليه، ففي «الصحيحين» (١) أن أبا بكر قال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرَنا، فقال: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن، إن الله معنا»، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يسمعان كلامهم فوق رؤوسهما، ولكن الله سبحانه عمَّى عليهم أمرهما.

وكان عامرُ بن فهيرة يرعى عليهما غنمًا لأبي بكر، ويتسمَّع ما يقال بمكة ثم يأتيهما بالخبر، فإذا كان السحر سرح مع الناس (٢).

قالت عائشة: وجهَّزناهما أحَثَّ الجهاز، وضعنا لهما سُفرةً في جراب، فقطَّعت أسماءُ بنت أبي بكر قطعةً من نطاقها فأوكت به الجراب، وقطَّعت الأخرى فصيَّرتها عصامًا لفم القربة، فبذلك لُقِّبت ذاتَ النطاقين (٣).

وذكر الحاكم في «مستدركه» (٤) عن عمر قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى


(١) البخاري (٣٦٥٣) ومسلم (٢٣٨١) من حديث أنس بن مالك عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -.
(٢) الذي في حديث عائشة عند البخاري (٣٩٠٥) أن عبد الله بن أبي بكر هو الذي كان يتسمّع الأخبار ويأتيهما بها، وأما عامر بن فُهيرة فيُريح الغنم عليهما ليشربا من لبنها.
(٣) أخرجه البخاري (٣٩٠٥) بنحوه، والمؤلف صادر عن «سيرة الدمياطي» (ق ٣٩) وهو عن «طبقات ابن سعد» (١/ ١٩٦).
(٤) (٣/ ٦) من طريق محمد بن سيرين عن عمر. رجاله ثقات إلا أنه مرسل؛ ابن سيرين لم يُدرك عمر. وله طريق آخر عن عمر عند اللالكائي في «شرح السنة» (٢٤٢٦) والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧)، ولكنه ضعيف جدًّا. وله شاهد من مرسل ابن أبي مليكة عند أحمد في «فضائل الصحابة» (٢٢) والفاكهي في «أخبار مكة» (٢٤١٠) بإسناد صحيح.