للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأمل هاهنا قصة جابر، وقد اشترى منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيرَه ثم وفَّاه الثمن وزاده وردَّ عليه البعير (١)، وكان أبوه قد قُتِل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقعة أُحُدٍ، فذكَّره بهذا الفعل حالَ أبيه مع الله، وأخبره أن الله أحياه وكلَّمه كِفاحًا وقال: «يا عبدي تمنَّ عليَّ» (٢).

فسبحان من عَظُم جودُه وكرمه عن (٣) أن يحيط به علم الخلائق؛ لقد أعطى السِّلْعة وأعطى الثمن ووفَّق لتكميل العقد، وقَبِل المبيعَ على عيبه وأعاض عليه أجلَّ الأثمان، واشترى عبده من نفسه بماله، وجمع له بين الثمن والمثمن، وأثنى عليه ومدحه بهذا العقد، وهو الذي وفَّقه له وشاءه منه.

فحيَّهلًا إن كنتَ ذا همةٍ فقد ... حدا بك حادي الشوق فاطْوِ المراحلا

وقُل لمنادي حبِّهم ورضاهم ... إذا ما دعا: لبيك ألفًا كواملا

ولا تنظر الأطلال من دونهم فإنْ ... نظرتَ إلى الأطلال عُدن حوائلا

ولا تنتظر بالسير رفقةَ قاعدٍ ... ودَعْه فإن الشوق يكفيك حاملا

وخذ منهمُ زادًا إليهم وسِرْ على ... طريق الهدى والحبِّ تصبحُ واصلا


(١) أخرجه البخاري (٢٠٩٧) ومسلم (٧١٥).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٠١٠) وابن ماجه (١٩٠) وابن حبان (٧٠٢٢) والحاكم (٣/ ٢٠٤)، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وصححه ابن حبان والحاكم والمؤلف في «حادي الأرواح» (٢/ ٦٧١). وروي بنحوه من طريق آخر عند أحمد (١٤٨٨١) وأبي يعلى (٢٠٠٢) وغيرهما، وإسناده حسن أيضًا. وانظر: «الصحيحة» (٣٢٩٠) و «أنيس الساري» (٣/ ٢٣١٨).
(٣) «عن» ليست في م، ق، ب، ث، المطبوع.