للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغضب، ولتشبيه النبي - صلى الله عليه وسلم - له في ذلك بإبراهيم وعيسى وتشبيهه لعمر بنُوحٍ وموسى (١)، ولحصول الخير العظيم الذي حصل بإسلام أكثرِ أولئك الأسرى، ولخروج من خرج من أصلابهم من المسلمين، ولحصول القوة التي حصلت للمسلمين بالفِداء، ولموافقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر أولًا، ولموافقة الله عزَّ وجل له آخرًا حيث استقرَّ الأمر على رأيه ــ فلكمال نظر الصديق كأنّه رأى ما يستقر عليه حكم الله آخرًا ــ، وغلبةِ جانب الرحمة على جانب العقوبة.

قالوا: وأما بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنما كان رحمةً لنزول العذاب بمن أراد بذلك عَرَض الدنيا، ولم يرد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر وإن أراده بعض الصحابة، فالفتنة كانت تعمُّ ولا تصيب من أراد ذلك خاصةً، كما هُزِم العسكر يوم حنين بقول أحدهم: لن نُغلَب اليوم من قلة، وبإعجاب كثرتهم لمن أعجبته منهم فهُزِم الجيش بذلك فتنةً ومحنةً، ثم استقرَّ الأمرُ على النصر والظفر، والله أعلم.

- واستأذنه الأنصار أن يتركوا للعباس عمِّه (٢) فداءَه فقال: «لا تدعون منه درهمًا» (٣).

- واستوهب من سلمة بن الأكوع جاريةً نفَّلَه إيَّاها أبو بكر في بعض مغازيه، فوهبها له، فبعث بها إلى مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين (٤).


(١) كما في حديث أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه. أخرجه أحمد (٣٦٣٢) وابن أبي شيبة (٣٧٨٤٥)، وذكر الترمذي (١٧١٤) طرفًا منه وقال: «هذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه». وانظر ما سبق في هامش (ص ١٢٣).
(٢) م، ق، ب: «لعمِّه العباس». ث: «لعمِّه عباس».
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٣٧) من حديث أنس.
(٤) أخرجه مسلم (١٧٥٥) من حديث سلمة بن الأكوع.