للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويخرجوا إليه بالسيوف مُصْلِتين يناجزونه حتى يظفروا أو يُقْتلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ويَكبِسوهم يومَ السبت لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا عليه أن يجيبوه إلى واحدةٍ منهن، فبعثوا إليه أن أرسِلْ إلينا أبا لُبابة بن عبد المنذر نستشيره، فلما رأوه قاموا في وجهه يبكون وقالوا: يا أبا لبابة كيف ترى لنا أن ننزل على حكم محمد؟ فقال: نعم وأشار بيده إلى حَلْقه، يعني أنه الذبح، ثم علم من فوره أنه قد خان الله ورسوله، فمضى على وجهه ــ ولم يرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ حتى أتى المسجد مسجد المدينة، فربط نفسه بسارية المسجد وحلف أن لا يحله إلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبدًا. فلما بلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك قال: «دعوه حتى يتوب الله عليه»، ثم تاب اللهُ عليه، وحلَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيده (١).

ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقامت إليه الأوسُ فقالوا: يا


(١) سياق المؤلف مختصر من رواية ابن إسحاق عن أبيه عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري مرسلًا. أخرجها ابن هشام (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٧) والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ١٥). وقصة أبي لُبابة ذكرها أيضًا موسى بن عقبة ــ كما في «الدلائل» (٤/ ١٣) ــ بنحوه. وله شاهد من حديث عائشة عند أحمد (٢٥٠٩٧) بإسناد ضعيف، وأخرى من مراسيل عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، ومجاهد، والزهري، وقتادة. انظر: «تفسير الطبري» (١١/ ١٢١، ١٢٢، ٦٥٦؛ ١٩/ ٧٢) و «تفسير ابن أبي حاتم» (٥/ ١٦٨٤، ٦/ ١٨٧٣) .. هذا، وقد زعم سعيد بن المسيّب والزهري وغيرهما: أن أبا لبابة لم يربط نفسه بالسارية حينئذ، بل بعد ذلك لمَّا تخلَّف عن غزوة تبوك، وفي بعض الروايات عن ابن عبَّاس ما يؤيِّد ذلك. انظر: «تفسير الطبري» (١١/ ٦٥١ - ٦٥٨) و «دلائل النبوة» (٥/ ٢٧٠ - ٢٧٢) و «الاستيعاب» (٤/ ١٧٤١).