للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله، قد فعلتَ في بني قينقاع ما قد علمتَ وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا فأحسِنْ فيهم، فقال: «ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟» قالوا: بلى، قال: «فذلك إلى سعد بن معاذ»، قالوا: قد رضينا، فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرح كان به، فأُركب حمارًا وجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلوا يقولون له وهم كنفتَيه (١): يا سعدُ، أجمِل في مواليك وأحسِنْ فيهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حكَّمك فيهم لتُحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئًا، فلما أكثروا عليه قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القومَ، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للصحابة: «قوموا إلى سيدكم»، فلما أنزلوه قال (٢): «يا سعد، إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك»، فقال: وحكمي نافذ عليهم؟ قالوا (٣): نعم، قال: وعلى المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من هاهنا ــ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إجلالًا له وتعظيمًا ــ؟ فقال: «نعم، وعليَّ».

فقال: فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرجال وتُسبى الذريَّة وتُقسم الأموال، فقال رسول الله


(١) ج، ن، الطبعة الهندية: «كنفَيه». وفي طبعة الرسالة: «كنفتاه»، والوجه النصب على الظرفية كما في الأصول، أي بجانبيه، يمينَه وشمالَه. وانظر ورود مثلِه في حديثٍ عند مسلم (٢٩٥٧) وأبي داود (١٨٦).
(٢) كذا في عامّة الأصول، وكذلك في «الصحيحين»، أي أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي ث، ن، النسخ المطبوعة: «قالوا»، أي الصحابة، وهو مقتضى السياق الآتي بعدُ.
(٣) ص، ع: «قال»، وكذا في الموضع الآتي. والمثبت من سائر الأصول هو الموافق للرواية عند ابن إسحاق والواقدي.