للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يأخذها من يهود خيبر، فظنَّ بعضُ الغالطين المخطئين أن هذا حكم مختصٌّ بأهل خيبر، وأنه لا تؤخذ منهم جزية وإن أُخِذت من سائر أهل الكتاب. وهذا من عدم فقهه في السيَّر والمغازي، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتلهم وصالحهم على أن يُقرَّهم في الأرض ما شاء ولم تكن الجزية نزلت بعدُ، فسبق عقدُ صلحهم وإقرارِهم في أرض خيبر نزولَ الجزية، ثم أمره الله سبحانه أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون (١)، فلم يدخل في هذا يهود خيبر إذ ذاك، لأن العقد كان قد تمَّ (٢) بينه وبينهم على إقرارهم وأن يكونوا عُمَّالًا في الأرض بالشطر، فلم يطالبهم بشيءٍ غيرِ ذلك، وطالب سواهم من أهل الكتاب مِمَّن لم يكن بينه وبينهم عقد كعقدهم بالجزية، كنصارى نجران ويهودِ اليمن وغيرهم. فلمّا أجلاهم عمر إلى الشام تغير ذلك العقد الذي تضمَّن إقرارَهم في أرض خيبر، وصار لهم حكم غيرهم من أهل الكتاب.

ولما كان في بعض الدول التي خفيت فيها السنةُ وأعلامُها أظهر منهم طائفةٌ كتابًا قد عَتَّقُوه وزوَّرُوه، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط عن أهل خيبر الجزية، وفيه شهادة علي بن أبي طالب وسعدِ بن معاذ وجماعةٍ من الصحابة، فراج ذلك على من جهل سنةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه وسيره، وتوهَّمُوا بل ظنُّوا صحتَه، فأُجِيزُوا (٣) على حكم هذا الكتاب المزوَّر، حتى أُلقِي إلى


(١) «عن يد وهم صاغرون» من ص، ز، ع. وسقط من سائر الأصول.
(٢) ث، النسخ المطبوعة: «قديمًا»، تحريف.
(٣) م، ق، ب، ث: «فأُجرُوا».