للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليمن يهود لمجاورتهم ليهود اليمن؛ فأجرى النبي - صلى الله عليه وسلم - أحكامَ الجزية ولم يعتبر آباءَهم، ولا متى (١) دخلوا في دين أهل الكتاب: هل كان دخولهم قبل النسخ والتبديل أو بعده؟ ومن أين يُعرَف ذلك؟! وكيف ينضبط؟ وما الذي دل عليه؟ وقد ثبت في السير والمغازي (٢) أن من الأنصار مَن تهوَّد أبناؤهم بعد النسخ بشريعة عيسى، وأراد آباؤهم إكراهَهم على الإسلام فأنزل الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦].

وفي قوله لمعاذ: «خذ من كل حالم دينارًا» دليل على أنها لا تؤخذ من صبي ولا امرأة.

فإن قيل: فكيف تصنعون بالحديث الذي رواه عبد الرزاق في «مصنفه» وأبو عبيد في «الأموال» (٣)

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر معاذ بن جبل أن يأخذ من


(١) م، ق، ب: «من».
(٢) بل وأيضًا عند أبي داود (٢٦٨٢) والنسائي في «الكبرى» (١٠٩٨٢) وابن حبّان (١٤٠) عن ابن عباس بإسناد صحيح. وانظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٥٤٦ - ٥٥٠).
(٣) أما رواية عبد الرزاق (١٠٠٩٩) فعن معمر عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق مرسلًا، قال عبد الرزاق: كان معمر يقول: هذا غلط قوله: «حالمة»، ليس على النساء شيء. هذا، وقد خالف سفيان الثوري وغيرُ واحدٍ معمرًا، فرووه عن الأعمش ولم يذكروا فيه «حالمة» أصلًا.

وأما رواية أبي عبيد في «الأموال» (٦٧، ٦٨) فعن الحكم بن عُتَيبة منقطعًا معضلًا، وعن عروة بن الزبير مرسلًا بإسناد ضعيف فيه ابن لَهِيعة. قال أبو عبيد: «فنرى ــ والله أعلم ــ أن المحفوظ المثبت من ذلك هو الحديث الذي لا ذكر للحالمة فيه، لأنه الأمر الذي عليه المسلمون، وبه كتب عمر إلى أمراء الأجناد ... ».