للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُدَّثِّرُ} ثم أمره أن يُنذر عشيرتَه الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبةً، ثم أنذر العالمين؛ فأقام بضع عشرة سنةً بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية، ويُؤمر بالكف والصبر والصفح.

ثم أذن له في الهجرة وأذن له في القتال، ثم أمره أن يُقاتِل من قاتله ويكفَّ عمن اعتزله ولم يقاتله، ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كلُّه لله.

ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة، وأهل حرب، وأهل ذمة؛ فأُمِر أن يُقيم لأهل العهد (١) والصلح بعهدهم، وأن يُوْفِي لهم به ما استقاموا على العهد، فإن خاف منهم خيانةً نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يُعلِمهم بنبذ العهد، وأمر أن يقاتل من نقض عهده. ولما نزلت سورة براءة نزلت ببيان هذه الأقسام كلِّها، فأمره فيها أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام، وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغِلظة عليهم؛ فجاهَدَ الكفار بالسيف والسنان، والمنافقين بالحجة واللسان.

وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم، وجَعَل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسام:

- قسمًا أمره بقتالهم، وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له، فحاربهم وظهر عليهم.

- وقسمًا لهم عهد مؤقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه، فأمره أن يتم لهم عهدهم (٢) إلى مدتهم.


(١) م، ق، ب، ث، ع، هامش ص، هامش ز: «العقد».
(٢) م، ق: «عدّتهم»، تصحيف.