للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه السرية سُمِّي عبدُ الله بن جحشٍ أميرَ المؤمنين (١).

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب له كتابًا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظرَ فيه (٢)، ولمَّا فتح الكتاب وجد فيه: «إذا نظرتَ في كتابي هذا فامضِ حتى تنزل نخلةَ بين مكة والطائف فترصُدَ بها قريشًا وتعلمَ لنا من أخبارهم»، فقال: سمعًا وطاعةً، وأخبر أصحابه بذلك وبأنه لا يستكرههم، فمن أحبَّ الشهادة فلينهض ومن كره الموتَ فليرجع، وأمَّا أنا فناهض، فمضَوا (٣) كلُّهم.

فلما كان في أثناء الطريق أضلَّ سعدُ بن أبي وقاص وعتبةُ بن غزوان بعيرًا لهما كانا يعتقبانه، فتخلَّفا في طلبه، وبَعُد عبدُ الله بن جحش حتى نزل بنخلةَ، فمرت به عِيرٌ لقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارةً، فيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى


(١) ذكره ابن سعد في «الطبقات» (٢/ ١٠، ٣/ ٨٥). وفي «مصنف ابن أبي شيبة» (٣٧٨٠٦) عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: «كان عبد الله بن جحش أول أميرٍ في الإسلام». وفي «مستدرك الحاكم» (٣/ ٢٠٠) عن ابن مسعود أنه قال: «أول راية عقدت في الإسلام لعبد الله بن جحش». وفي إسنادهما لين.
(٢) خبر هذا الكتاب علّقه البخاري مجزومًا به في كتاب العلم، باب ما يُذكر في المُناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان، فقال: «واحتج بعضُ أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كتب لأمير السرية كتابًا وقال: لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا، فلمّا بلغ ذلك المكان قرأة على الناس وأخبر بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -». قال الحافظ: هو صحيح بمجموع طرقه. انظر: «فتح الباري» (١/ ١٥٥) و «تغليق التعليق» (٢/ ٧٥).
(٣) ن، هامش ز مصحّحًا عليه: «فنهضوا». والمثبت موافق لـ «جوامع السيرة» لابن حزم (ص ١٠٥) والظاهر أن المؤلف صادر عنه.