للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بني المغيرة؛ فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهرَ الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحَرَم ثم أجمعوا على ملاقاتهم فرمى أحدُهم عمرَو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم، وأفلت نوفلٌ.

ثم قدموا بالعِير والأسيرَين قد عزلوا من ذلك الخُمس، وهو أولُ خُمسٍ كان في الإسلام (١)، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام، وأنكر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ما فعلوه، واشتدَّ تعنُّت (٢) قريش وإنكارُهم ذلك، وزعموا أنهم وجدوا مقالًا فقالوا: قد أحلَّ محمدٌ الشهرَ الحرام، واشتد على المسلمين ذلك، حتى أنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ٢١٧] (٣).

يقول سبحانه: هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرًا؛ فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله، والصدِّ عن سبيله وعن بيته، وإخراجِ المسلمين الذين هم


(١) سياق م، ق، ب، ث: «وهو كان أولَ خمس في الإسلام».
(٢) ص، ز، د: «تعتُّب».
(٣) خبر السرية أسنده ابن إسحاق ــ ومن طريقه ابن هشام (١/ ٦٠١ - ٦٠٥) والطبري في «تفسيره» (٣/ ٦٥٠ - ٦٥٣) ــ عن يزيد بن رومان والزهري، كلاهما عن عروة بن الزبير مرسلًا. وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣/ ١٧) من طريق آخر عن الزهري عن عروة. وله شاهد عند الطبري (٣/ ٦٥٤) من رواية السُّدِّي عن أشياخه. وله شاهد آخر مختصر من حديث جندب بن عبد الله البجلي عند النسائي في «الكبرى» (٨٧٥٢) وأبي يعلى (١٥٣٤) والطبراني في «الكبير» (٢/ ١٦٢) بإسناد حسن، وفيه أنهم لم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو آخر يوم من جُمادى.