للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وساروا، وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل عشيًّا (١) أدنى ماءٍ من مياه بدر، فقال: «أشيروا عليَّ في المنزل»، فقال الحُباب بن المُنذِر: يا رسول الله، أنا عالم بها وبقُلُبها، إن رأيتَ أن نسير إلى قُلُبٍ قد عرفناها فهي كثيرةُ الماء عَذْبة فننزلَ عليها ونسبقَ القوم إليها، ونُغوِّر ما سواها من المياه (٢).

وسار المشركون سراعًا يريدون الماء، وبعث عليًّا وسعدًا والزبير إلى بدر يلتمسون الخبر، فقَدِموا بعَبدين لقريشٍ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي فسألهما أصحابُه: من (٣) أنتما؟ قالا: نحن سُقاة لقريشٍ، فكره ذلك أصحابه ووَدُّوا لو كانا لعيرِ أبي سفيان، فلما سلَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما: «أخبِراني أين قريش؟» قالا: وراء هذا الكثيب، فقال: «كم القوم؟» فقالا: لا علم لنا، فقال: «كم ينحرون كلَّ يوم؟» فقالا: يومًا عشرًا ويومًا تسعًا، فقال - صلى الله عليه وسلم - (٤): «القوم ما بين التسعمائة إلى الألف» (٥).


(١) م، ق، ب، هامش ز: «عِشاءً».
(٢) خبر استشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره موسى بن عُقبة كما في «الدلائل» للبيهقي (٣/ ١١٠). وأخرج ابن سعد (٣/ ٥٢٥) وأبو داود في «المراسيل» (٣١٨) نحوه من مرسل يحيى بن سعيد الأنصاري بإسناد صحيح إليه.
وفي سياق الخبر عند ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا نزل بأدنى ماءٍ من بدر قال الحُباب: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، فقال الحباب: (فذكر بنحوه). وجمع الواقدي في «مغازيه» (١/ ٥٣) بينهما ــ استشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - فسؤال الحباب إياه ــ في سياق واحد.
(٣) ز، ن: «لمن».
(٤) د، ن، المطبوع: «رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
(٥) ذكره ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٦١٧) ــ والواقدي في «مغازيه» (١/ ٥٣) وابن سعد (٢/ ١٤). وله شاهد من حديث علي بلفظ: «القوم ألفٌ؛ كلُّ جَزورٍ لِمائةٍ وتبعِها». أخرجه أحمد (٩٤٨) وابن أبي شيبة (٣٧٨٣٤) بإسناد جيّد.