للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر من أن تذكر هاهنا.

والمقصود أن بحسب متابعة الرسول تكون العزة والكفاية والنصرة، كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والفلاح والنجاة، فالله تعالى علَّق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح والعِزُّ والكفاية والنصرة والولاية والتأييد وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة.

وقد أقسم - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يؤمن أحد حتى يكون هو أحبَّ إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين (١).

وأقسم الله سبحانه بأنه لا يؤمن من لم يحكِّمه في كلِّ ما تنازع فيه هو وغيره، ثم يرضى بحكمه، ولا يجد في نفسه حرجًا مما حكم به، ثم يسلِّم له تسليمًا وينقاد انقيادًا.

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢) [الأحزاب: ٣٦]، فقطع سبحانه وتعالى التخيير بعد أمره وأمر رسوله، فليس لمؤمن أن يختار شيئًا بعد أمره - صلى الله عليه وسلم -، بل إذا أمر فأمرُه


(١) كما في حديث عمر عند البخاري (٦٦٣٢)، وحديث أنس عند مسلم (٤٥/ ٧٢). وانظر: «جلاء الأفهام» (ص ٤٦٥). وقد تصرَّف محققا طبعة الرسالة في المتن ليكون لفظه موافقًا للفظ حديث أنس.
(٢) كذا في الأصول «تكون» على قراءة أبي عمرو. وبها قرأ نافع وابن كثير أيضًا. «الإقناع» لابن الباذش (٢/ ٧٣٧). وقراءة أبي عمرو هي التي كانت سائدة في الديار الشامية في زمن المؤلف.