للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورخاءها (١) خالصًا (٢) للذين آمنوا.

ثم ذكر حكمةً أخرى، وهي أن يتميَّز المؤمنون من المنافقين، فيَعْلَمَهم علمَ رؤيةٍ ومشاهدة بعد أن كانوا معلومين في غَيبه، وذلك العلم الغيبي لا يترتَّب عليه ثواب ولا عقاب، وإنما يترتَّب الثواب والعقاب على المعلوم إذا صار مشاهَدًا واقعًا في الحس.

ثم ذكر حكمةً أخرى، وهي اتخاذُه سبحانه منهم شهداءَ، فإنه يحب الشهداءَ من عباده، وقد أعد لهم أعلى المنازل وأفضلَها وقد اتخذهم لنفسه فلا بد أن يُنيلهم درجة الشهادة.

وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} تنبيه لطيفُ الموقع جدًّا على أن (٣) كراهته وبغضَه للمنافقين الذين انخزلوا (٤) عن نبيِّه يوم أحد فلم يشهدوه، ولم يتَّخذ منهم شهداء لأنه لا يحبُّهم، فأركسهم وردَّهم ليحرِمَهم ما خصَّ به المؤمنين في ذلك اليوم وما أعطاه من استُشهد منهم، فثبَّط هؤلاء الظالمين عن الأسباب التي وفَّق لها أحبابه وحزبه.

ثم ذكر حكمةً أخرى فيما أصابهم ذلك اليوم، وهو تمحيص الذين آمنوا، وهو تنقيتهم وتخليصهم من الذنوب ومن آفات النفوس، وأيضًا فإنه خلَّصهم ومحَّصهم من المنافقين فتميزوا منهم؛ فحصل لهم تمحيصان: تمحيص في نفوسهم، وتمحيص من كان يظهر أنه منهم وهو عدوُّهم.


(١) ص، د، ز، ث، ن، النسخ المطبوعة: «رجاءها»، تصحيف.
(٢) في النسخ المطبوعة: «خالص» بالرفع، وما أثبت من الأصول صواب.
(٣) «أن» لا يأتي لها خبر ظاهر، ولو حُذفت لكان أولى.
(٤) ث، المطبوع: «انخذلوا» بالذال. ومعنى «انخزلوا» بالزاي: انقطعوا.