للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ظن به أنه لا يحب ولا يرضى، ولا يغضب ولا يسخط، ولا يوالي ولا يُعادي، ولا يَقْرُب مِن أحدٍ من خلقه ولا يقرُب منه أحد، وأن ذوات الشياطين في القُرْب من ذاته كذوات الملائكة المقرَّبين وأوليائه المفلحين= فقد ظنَّ به ظن السوء.

ومن ظن به أنه يُسوِّي بين المتضادَّين، أو يفرِّق بين المتساويين من كل وجه، أو يُحبِط طاعاتِ العمر المديد الخالصةَ الصوابَ بكبيرةٍ واحدة تكون بعدها، فيُخلِّد فاعلَ تلك الطاعات في الجحيم أبدَ الآبدين لتلك الكبيرة ويُحبِط بها جميعَ طاعاته، ويُخلِّده في العذاب كما يخلد من لم يؤمن به طرفة عينٍ واستنفد ساعاتِ عمره في مَساخطه (١) ومُعاداة رسله ودينه= فقد ظن به ظن السوء (٢).

وبالجملة فمن ظن به خلافَ ما وصف به نفسَه ووصفَتْه (٣) به رسلُه، أو عطَّل حقائقَ ما وصف به نفسَه ووصفته به رسلُه، فقد ظن به ظن السوء.

ومن ظن أن له ولدًا أو شريكًا، أو أن أحدًا يشفع عنده بدون إذنه، أو أن بينه وبين خلقه وسائطَ يرفعون حوائجهم إليه، أو أنه نصب لعباده أولياءَ من دونه يتقرَّبون بهم إليه ويتوسلون بهم إليه، ويجعلونهم وسائط بينه وبينهم فيدعونهم (٤) ويخافونهم ويرجونهم= فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه.


(١) م، ق، ب: «تساخطه».
(٢) المقصود به الوعيدية من الخوارج وغيرهم.
(٣) م، ق، ب، ث، ع: «ووصفه به» هنا وفي السطر الآتي.
(٤) بعده في المطبوع: «ويحبُّونهم كحبّه»، وليس في الأصول.