للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ظن أنه يُنال ما عنده بمعصيته ومخالفته كما يُنال بطاعته والتقرُّبِ إليه فقد ظن به خلافَ حكمته وخلافَ موجَبِ أسمائه وصفاته، وهو مِن ظنِّ السوء.

ومن ظنَّ به أنه إذا ترك لأجله شيئًا لم يُعوِّضه خيرًا منه، ومن فعل لأجله شيئًا لم يُعطه أفضل منه، فقد ظن به (١) ظن السوء.

ومن ظنَّ به أنه يغضب على عبده ويعاقبه ويَحْرِمه بغير جرمٍ ولا سبب من العبد إلا بمجرد المشيئة ومحضِ الإرادة، فقد ظنَّ به ظنَّ السوء.

ومن ظن به أنه إذا صَدَقه في الرغبة والرهبة، وتضرَّع إليه وسأله، واستعان به وتوكَّل عليه، أنه يُخيبه ولا يُعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السوء، وظن به خلافَ ما هو أهلُه.

ومن ظن به أنه يُثيبه إذا عصاه بما يثيبه به إذا أطاعه، وسأله ذلك في دعائه، فقد ظنَّ به خلافَ ما تقتضيه حكمتُه وحمدُه وخلافَ ما هو أهله، وما لا يفعله.

ومن ظن به أنه إذا أغضبه وأسخطه وأَوضَع في معاصيه، ثم اتخذ من دونه وليًّا ودعا مِن دونه ملكًا أو بشرًا حيًّا أو ميتًا، يرجو بذلك أن ينفعه عند ربِّه ويُخلِّصه من عذابه= فقد ظن به ظن السوء، بل ذلك زيادةٌ في بُعده من الله وفي عذابه.

ومن ظن أنه يُسلِّط على رسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - أعداءَه تسليطًا مستقرًّا دائمًا في حياته وفي مماته، وابتلاه بهم لا يفارقونه، فلمّا مات استبدُّوا بالأمر دون


(١) «ظن به» ساقط من ص، ز، ث.