للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء والذراري فجُعلوا في آطام المدينة، واستخلف عليها (١) ابن أم مكتوم.

وانطلق حُيَي بن أخطب إلى بني قريظة فدنا من حِصنهم، فأبى كعبُ بن أسد أن يفتح له، فلم يزل يكلمه حتى فتح له، فلما دخل عليه قال له: لقد جئتك بعز الدهر، جئتك بقريشٍ وغطفان وأسد على قادتها لحرب محمد؛ قال: جئتني والله بذلِّ الدهر وبجَهام (٢) قد أراق ماءَه فهو يرعُد ويبرُق (٣). فلم يزل به حتى نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل مع المشركين في محاربته، فسُرَّ بذلك المشركون، وشرط كعب على حُيَي أنه إن لم يظفروا بمحمدٍ أن يجيءَ حتى يدخل معه في حِصنه فيصيبه ما أصابه، فأجابه إلى ذلك ووفى له به.

وبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خبرُ بني قريظة ونقضهم العهدَ، فبعث إليهم السَّعدين (٤) وخَوَّات بن جبير وعبد الله بن رواحة ليعرّفوه: هل هم على عهدهم (٥) أو قد نقضوه؟ فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون، وجاهروهم بالسبِّ والعداوة ونالوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانصرفوا عنهم ولحنوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحنًا (٦) يخبرونه أنهم قد نقضوا العهد وغدروا،


(١) م، ق، ب، ث: «على المدينة».
(٢) الجَهام: السحاب لا ماء فيه.
(٣) ص، د، ز: «فهو رعدٌ وبرق».
(٤) أي سعد بن مُعاذ (سيد الأوس) وسعد بن عُبادة (سيد الخزرج).
(٥) ز، ع: «عهده».
(٦) «لحنا» ليس في ص، د، ز. وإنما لحنوا ولم يصرِّحوا حتى لا يفتُّوا في عضد المسلمين.