للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعَظُم ذلك على المسلمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين» (١).

واشتد البلاء ونجم النفاق، واستأذن بعضُ بني حارثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب إلى المدينة وقالوا: بيوتنا عورة {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: ١٣]، وهمَّ بنو سلمة بالفشل ثم ثبت الله الطائفتين (٢).

وأقام المشركون محاصِرين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا، ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينهم وبين المسلمين، إلا أن فوارسَ من قريشٍ منهم عمرو بن عبد ودٍّ وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق، فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها، ثم تيمَّموا مكانًا ضيقًا من الخندق فاقتحموه وجالت بهم خَيلُهم في السبخة بين الخندق وسلع، ودَعَوا إلى البِراز، فانتدب لعمرٍو عليٌّ بن أبي طالب فبارزه، فقتله الله على يديه (٣)، وكان من شجعان المشركين وأبطالهم، وانهزم الباقون إلى أصحابهم.

وكان شعار المسلمين يومئذ «حم لا ينصرون» (٤).


(١) ذكره ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٢٢٢) و «تفسير الطبري» (١٩/ ٣٤) و «الدلائل» (٣/ ٤٣٠) ــ ضمن حديث الخندق الذي رواه عن شيوخه من التابعين. وذكره موسى بن عقبة ــ كما في «الدلائل» (٣/ ٤٠٣) ــ بنحوه، وكذا الواقدي في «مغازيه» (٢/ ٤٥٩) عن شيوخه.
(٢) وهذا غير همِّهما بالفشل يوم أُحُد. انظر: «تفسير الطبري» (١٩/ ٤٦).
(٣) م، ق، ب: «يدي عليٍّ». ث: «يد عليٍّ».
(٤) أخرجه أحمد (١٦٦١٥) وأبو داود (٢٥٩٧) والترمذي (١٦٨٢) والنسائي في «الكبرى» (٨٨١٠، ١٠٣٧٨) وابن أبي شيبة (٣٧٩٥٤) والحاكم (٢/ ١٠٧) من حديث المهلّب بن أبي صفرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليلة الخندق: «إني لا أرى القوم إلا مبيِّتيكم الليلةَ، فإن شعاركم: حم لا يُنصرون» هذا لفظ النسائي.