للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنِعوا غيرَه، فيعاوَنُون على ما فيه تعظيمُ حرماتِ الله لا على كفرهم وبغيهم، ويُمنَعون مما سوى ذلك.

وكل من التمس المعاونةَ على محبوبٍ لله مرضيٍّ له أجيب إلى ذلك كائنًا من كان، ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوضٌ لله أعظمُ منه. وهذا من أدقِّ المواضع وأصعبها وأشقِّها على النفوس، ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق وقال عمر ما قال حتى عمل له أعمالًا بعدَه، والصدِّيقُ تلقاه بالرضى والتسليم حتى كان قلبه فيه على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجاب عمرَ عمَّا سأل عنه من ذلك بعين جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يدل على أن الصديق أفضلُ الصحابة وأكملُهم وأعرفُهم بالله ورسوله وأعلمُهم بدينه وأقومهم بمحابِّه وأشدُّهم موافقةً له، ولذلك لم يسأل عمر عمَّا عرض له إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وصدِّيقَه خاصةً دون سائر أصحابه.

ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدل ذات اليمين إلى الحديبية. قال الشافعي (١): وبعضُها من الحل وبعضها من الحرم. وروى الإمام أحمد (٢) في هذه القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الحرم وهو مُضطرِب (٣) في الحِلِّ. وفي هذا


(١) في «الأم» (٣/ ٣٩٩)، وعنه البيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٢١٧) و «معرفة السنن» (٧/ ٤٨٧).
(٢) برقم (١٨٩١٠)، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (٣٧٩٩٥) والبيهقي في «السنن» (٥/ ٢١٥) من حديث ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المِسور بن مَخرمة ومروان بن الحكم. وإسناده حسن إن كان ابن إسحاق سمعه من الزهري ولم يدلِّسه عنه. وانظر: «الفروع» لابن مفلح (٢/ ٤٥٦).
(٣) أي ضارب خيمته.