للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالدلالة على أن مضاعفةَ الصلاة بمكةَ متعلِّقٌ بجميع الحرم، لا يختصُّ المسجدَ الذي هو مكان الطواف، وأن قوله: «صلاة في المسجد الحرام أفضلُ من مائةِ صلاةٍ في مسجدي» (١) كقوله: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]، وكان الإسراء من بيت أم هانئ.

ومنها: أن من نزل قريبًا من مكة، فإنه ينبغي له أن ينزل في الحل ويصليَ في الحرم، وكذلك كان ابن عمر يصنع (٢).

ومنها: جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه، ولا يتوقَّف ذلك على أن يكون ابتداء الطلب منهم.

وفي قيام المغيرة على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسَّيف ــ ولم تكن عادتُه أن يقام على رأسه وهو قاعد ــ سنةٌ يقتدى بها عند قدوم رسل العدوِّ من إظهار العزِّ والفخر وتعظيم الإمام وطاعته ووقايته بالنفوس، وهذه هي العادة الجارية عند قدوم رسل المؤمنين على الكافرين وقدوم رسل الكافرين على المؤمنين، وليس هذا من (٣) النوع الذي ذمَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «من أحب أن


(١) أخرجه أحمد (١٦١١٧) وابن حبان (١٦٢٠) والضياء في «المختارة» (٩/ ٣٣١) من حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -.
(٢) لم أجده عن ابن عمر، وأخشى أن يكون مصحّفًا عن ابن عمرو، فقد أخرج ابن أبي شيبة (١٤٢٩٥) والأزرقي في «أخبار مكة» (٢/ ١٣١) والفاكهي (١٤٦٦) وابن المنذر في «الأوسط» (٥/ ١٧٩) من طرق عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان له فُسطاطان أحدهما في الحرم والآخر في الحل، فإذا أراد أن يصلِّي صلَّى في الذي في الحرم.
(٣) بعده في ث، المطبوع: «هذا».