للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن الموضع الذي نحر فيه الهدي كان مِن الحلِّ لا من الحرم؛ لأن الحرم كلَّه مَحِلُّ الهدي.

ومنها: أن المحصر لا يجب عليه القضاء، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالحلق والنحر ولم يأمر أحدًا منهم بالقضاء. والعمرة من العام القابل لم تكن واجبةً ولا قضاءً عن عمرة الإحصار، فإنهم كانوا في عمرة الإحصار ألفًا وأربعَمائةٍ وكانوا في عمرة القضية دون ذلك، وإنما سُمِّيت عمرةَ القضية والقضاء لأنها العمرةُ التي قاضاهم عليها، فأُضِيفت العمرة إلى مصدرِ فعله.

ومنها: أن الأمر المطلق على الفور، وإلا لم يغضب لتأخيرهم الامتثال عن وقت الأمر. وقد اعتُذِر عن تأخيرهم الامتثال بأنهم كانوا يرجون النسخ (١) فأخَّروا متأوِّلين لذلك، وهذا الاعتذارُ أولى أن يُعتذر عنه! وهو باطل، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لو فهم منهم ذلك لم يشتدَّ غضبُه لتأخير أمره ويقول: «ما لي لا أغضب وأنا آمُرُ بالأمر فلا أتَّبَع!» (٢)، وإنما كان تأخيرهم من السعي المغفور لا المشكور، وقد رضي الله عنهم وغفر لهم وأوجب لهم الجنة.

ومنها: أن الأصل مشاركة أُمَّته له في الأحكام، إلا ما خصه الدليل،


(١) ث: «الفسح» هنا وفي الموضع الآتي، وهو تصحيف.
(٢) لم أجد من روى هذا اللفظ في قصة الحديبية، وإنما رُوي في حجة الوداع عندما أمر الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من إحرامهم بعد الطواف بالبيت وبالصفا والمروة، فتردَّد بعض الصحابة في ذلك فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلق حتى دخل على عائشة فسألته: من أغضبك ــ أغضبه الله ــ؟ فقال: «ما لي لا أغضب ... ». أخرجه أحمد (١٨٥٢٣) وابن ماجه (٢٩٨٢) والنسائي في «الكبرى» (٩٩٤٦) وغيرهم، وفي إسناده ضعف.