للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو داود (١): حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له يهوديةٌ بخيبرَ شاةً مَصْليةً ــ فذكر القصة ــ وقال: فمات بِشر بن البراء بن مَعرور، فأرسل إلى اليهودية: «ما حملك على الذي صنعت؟» قال جابر (٢): فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقُتِلت.

قلت: كلاهما مرسل، ورواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة متصلًا: أنه قتلها لمَّا مات بشر بن البراء (٣).

وقد وُفِّق بين الروايتين بأنه لم يقتلها أولًا، فلما مات بِشر قتلها.

وقد اختلف: هل أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - منها أو لم يأكل؟ وأكثر الروايات أنه أكل منها، وبقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى قال في وجعه الذي مات فيه: «ما زلت أجد من الأَكلة التي أكلتُ من الشاة يوم خيبر، فهذا أوانُ انقطاع الأَبْهَرِ


(١) برقم (٤٥١١) ومن طريقه البيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٦٢).
(٢) كذا في جميع الأصول، وهو خطأ فليس هذا من قول جابر في شيء. والذي في «السنن»: «فذكر نحو حديث جابر»، وحديث جابر هو السابق لهذا الحديث عند أبي داود، فاختصر أبو داود حديث أبي سلمة وأحال في بعض ألفاظه على حديث جابر السابق، فالمراد بقوله: «فذكر نحو حديث جابر» أي في جواب اليهودية على سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما قوله: «فأمر بها فقُتِلت» فمن قول أبي سلمة ولم يرد في حديث جابر البتة، بل الذي ورد فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - «عفا عنها ولم يُعاقبها». ومما يدلّ على الخطأ أيضًا وصفُ المؤلف له فيما يأتي بأنه مرسَل، فلو كان قولًا لجابر لما كان مرسلًا بل لكان متصلًا مسندًا.
(٣) أخرجه الحاكم (٣/ ٢١٩) وعنه البيهقي في «السنن الكبرى» (٨/ ٤٦). وقد تابع حماد بن سلمة على الاتصال: عَبَّاد بن العوَّام ــ وهو ثقة من رجال الشيخين ــ عند البيهقي (٨/ ٤٦).