للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون البحر قد جزر عنها وهي حية فماتت بمفارقة الماء، وذلك ذكاتها وذكاة حيوان البحر، ولا سبيل إلى دفع هذا الاحتمال، كيف وفي بعض طرق الحديث: «فجزر البحرُ عن حوت كالظَّرِب (١)» (٢).

قيل: هذا الاحتمال مع بُعده جدًّا فإنه يكاد (٣) يكون خرقًا للعادة (٤)، فإن مثل (٥) هذه الدابة إذا كانت حيةً إنما تكون في لُجَّة البحر وثَبَجِه دون ساحله وما رقَّ منه ودنا من البر.

وأيضًا: فإنه لا يكفي ذلك في الحِلِّ، لأنه إذا شُكَّ في السبب الذي مات به الحيوان هل هو سبب مبيح له أو غير مبيح لم يحلَّ الحيوان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيد يرمى بالسهم ثم يوجد في الماء: «وإن وجدتَه غريقًا في الماء فلا تأكلْه فإنك لا تدري الماءُ قتله أو سهمك» (٦)؛ فلو كان الحيوان البحريُّ حرامًا إذا مات في البحر لم يُبَح، وهذا مما لا يعلم فيه خلاف بين الأئمة.


(١) في الأصول عدا ن: «كالضرب»، والمثبت من ن هو الصواب. والظَرِب: الجبل المنبسط أو الصغير.
(٢) لفظ البخاري وغيره: «ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظَّرِب». وعند الواقدي: «فألقى لنا البحر حوتًا مثل الظرب».
(٣) ص، ز: «كاد».
(٤) كلا، بل وقوعه كثير جدًّا كما ثبت بالمشاهدة حول العالم: أن البحر كثيرًا ما يقذف بالحيتان على الساحل وهي حيّة ثم تموت لمفارقة الماء، وهناك وقائع نجح فيها أناس في سحبها إلى البحر وإنقاذها من الهلاك.
(٥) ص، ز: «مقيل».
(٦) أخرجه مسلم (١٩٢٩/ ٦، ٧) من حديث عدي بن حاتم.