للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره، بخلاف ليلة القدر فإنه قد ثبت في «الصحيحين» (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه». وفي «الصحيحين» (٢) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». وقد أخبر الله (٣) سبحانه أنها خير من ألف شهر (٤)، وأنه أنزل فيها القرآن.

وإن أراد أن الليلة المعيَّنة التي أُسري فيها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حصل له فيها ما لم يحصل له في غيرها، من غير أن يُشرَع تخصيصُها بقيام ولا عبادة؛ فهذا صحيح. وليس إذا أعطى الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - فضله (٥) في مكان أو زمان يجب أن يكون ذلك المكان والزمان (٦) أفضل من جميع الأمكنة والأزمنة. هذا إذا قدِّر أنه قام دليل على أن إنعام الله تعالى على نبيِّه ليلة الإسراء كان أعظم من إنعامه عليه بإنزال القرآن ليلة القدر وغير ذلك من النعم التي أنعم عليه.

والكلام في مثل هذا يحتاج إلى علم بحقائق الأمور، ومقادير النعم التي لا تُعرَف إلا بوحي، ولا يجوز لأحد أن يتكلَّم فيها بلا علم. ولا يُعرَف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلةً على غيرها، لا سيما على


(١) البخاري (١٩٠١) ومسلم (٧٦٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) البخاري (٢٠٢٠) ومسلم (١١٦٩) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) لفظ الجلالة من ص، ن.
(٤) من هنا سقطت كراسة فيما يظهر من ق واستكملت بخط آخر، ولكن لم يثبت فيها النص الآتي من التعديل المذكور آنفًا.
(٥) مب، ن: «فضيلة».
(٦) مب: «الزمان أو المكان».