للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقفًا على المقاتلة يجري عليهم فيئُها (١) حتى يغزو منها آخر المسلمين، وظهرت بركةُ رأيه ويُمْنُه على الإسلام وأهله. ووافقه جمهور الأئمة وإن اختلفوا في كيفية إبقائها بلا قسمة، فظاهر مذهب الإمام أحمد (٢) وأكثرُ نصوصه على أن الإمام مخيَّر فيها تخييرَ مصلحةٍ لا تخيير شهوة، فإن كان الأصلح للمسلمين قسمتَها قسمها، وإن كان الأصلح أن يقفها على جماعتهم وقفها، وإن كان الأصلح قسمةَ البعض ووقفَ البعض فعله؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل الأقسام الثلاثة، فإنه قسم أرض قريظة والنضير، وترك قسمة مكة، وقسم بعض خيبر وترك بعضها لما ينوبه من مصالح المسلمين.

وعن أحمد رواية ثانية: أنها تصير وقفًا بنفس الظهور والاستيلاء عليها من غير أن ينشئ الإمامُ وقفها، وهي مذهب مالك (٣).

وعنه رواية ثالثة: أنه يقسمها بين الغانمين كما يقسم بينهم المنقول إلا أن يتركوا حقوقهم منها، وهي مذهب الشافعي (٤).

وقال أبو حنيفة: الإمام مخيَّرٌ بين القسمة، وبين أن يقرَّ أربابها فيها بالخراج، وبين أن يُجليهم عنها وينفذ إليها قومًا آخرين يضرب عليهم الخراج (٥).


(١) غير محرّر في الأصول، يشبه: «فيها». وسياق المطبوع: «تجري عليهم فيئًا». ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) انظر: «مسائل أحمد» برواية عبد الله (ص ٤٠٥) وبرواية الكوسج (١/ ٢٤٤)، و «المغني» (٤/ ١٨٩) و «الإنصاف» (١٠/ ٣٠٥).
(٣) انظر: «النوادر والزيادات» (٣/ ٣٦٠) و «البيان والتحصيل» (٢/ ٥٣٨).
(٤) انظر: «الأم» (٥/ ٦٨٧).
(٥) انظر: «الأصل» للشيباني (٧/ ٤٣٩، ٥٢٩) و «معاني الآثار» (٣/ ٢٤٦).