للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اكفني بلالًا وذويه»، فما حال الحول ومنهم عين تَطرِف (١).

ثم وافق سائر الصحابة عمرَ على ذلك. وكذلك جرى في فتوح مصرَ والعراقِ وأرضِ فارس وسائرِ البلاد التي فتحت عنوةً لم يقسم منها الخلفاء الراشدون قريةً واحدةً.

ولا يصح أن يقال: إنه استطاب نفوسَهم ووقفها برضاهم (٢)، فإنهم قد نازعوه في ذلك وهو يأبى عليهم، ودعا على بلال وأصحابه.

وكان الذي رآه وفعله عينَ الصواب ومحض التوفيق، إذ لو قسمت لتوارثها ورثة أولئك وأقاربهم، فكانت القرية والبلد تصير إلى امرأةٍ واحدة أو صبيٍّ صغير والمقاتِلةُ لا شيء بأيديهم، فكان في ذلك أعظمُ الفساد وأكبره، وهذا هو الذي خاف منه عمر فوفَّقه الله سبحانه لترك قسمة الأرض وجَعْلِها


(١) أخرجه أبو عبيد في كتاب «الأموال» (١٥٤) ــ ومن طريقه ابن زنجويه في كتاب «الأموال» (٢٢٤) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢/ ١٩٧) ــ عن الماجشون (عبد الله بن أبي سلمة) مرسلًا. وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (٣٧٨) والبيهقي في «سننه» (٩/ ١٣٨) من طريق جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر بنحوه. وهذا إسناد صحيح.
وأخرج البخاري (٤٢٣٥) عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: «أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببَّانًا ليس لهم شيء ما فُتحت عليَّ قرية إلا قسمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ولكني أتركها خِزانةً لهم يقتسمونها». وفي لفظٍ عند ابن أبي شيبة (٣٣٦٤٨): «ولكن أردت أن يكون جِريةً تجري عليهم». وفي رواية البيهقي (٦/ ٣١٨) أنه قال ذلك عندما طلب بلال قسمة الأرض المفتتحة.
(٢) هذا قول الشافعي. انظر: «الأم» (٥/ ٦٨٧) و «معرفة السنن» (٩/ ٢٤١، ١٣/ ١٦٥، ٣٢٩).