للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، والمسجد الحرام هنا المراد به الحرم لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]، فهذا المراد به الحرم كلُّه؛ وقولِه سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: ١]، وفي «الصحيح» (١): أنه أسري به من بيت أم هانئ.

وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦]، وليس المراد به حضور نفس موضع الصلاة اتفاقًا، وإنما هو حضور الحرم والقربُ منه، وسياق آية الحج يدل على ذلك فإنه قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، وهذا لا يختص مكان (٢) الصلاة قطعًا، بل المراد: الحرم كلُّه، فالذي جعله للناس سواءً العاكفُ فيه


(١) ليس كذلك، وإنما ذكره ابن إسحاق ــ كما في «تفسير الطبري» (١٤/ ٤١٤) ــ عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذان عن أم هانئ. وإسناده واهٍ بمرّة من أجل الكلبي، ولذا عدل ابن إسحاق عن التصريح به في بعض الروايات ــ كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٠٢) ــ فقال: «وكان فيما بلغني عن أم هانئ في مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تقول ... ». وروي ذلك أيضًا من وجهين آخرين عن أم هانئ، وذلك عند ابن سعد (٢/ ١٨٢ - ١٨٣) والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٤٣٢)، ولكنهما واهيان أيضًا. والذي في «الصحيح» من حديث أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسري به من بيته، وفي حديث مالك بن صعصعة أنه أسري به من عند البيت من الحطيم. أخرجهما البخاري (٣٤٩، ٣٨٨٧) ومسلم (١٦٣، ١٦٤).
(٢) ز، س، ن: «بمكان». وفي المطبوع: «بمقام» خلافًا لجميع الأصول.