للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذرية، وقد أمر بقتل هاتين المرأتين (١)، وأهدر دم أُمِّ ولد الأعمى لمَّا قتلها سيدُها لأجل سبِّها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وقتل كعب بن الأشرف اليهودي وقال: «مَن لكعبٍ، فإنه قد آذى الله ورسوله» (٣) وكان يسبه.

وهذا إجماع من الخلفاء الراشدين ولا يُعلَم لهم في الصحابة مخالف، فإن الصديق قال لأبي برزة الأسلمي وقد همَّ بقتل من سبه: «لم تكن هذه لأحدٍ غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٤)، ومرَّ عمرُ براهبٍ فقيل له: هذا يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لو سمعته لقتلته، إنَّا لم نعطهم الذمة على أن يسبوا نبينا - صلى الله عليه وسلم -» (٥).

ولا ريب أن المحاربة بسبِّ نبينا أعظمُ أذيةً ونكايةً لنا من المحاربة باليد


(١) المطبوع: «الجاريتين».
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٦١) والنسائي (٤٠٧٠) والدارقطني (٣١٩٥) والضياء في «المختارة» (١٢/ ١٤٧) من حديث ابن عباس بإسناد جيِّد كما قال ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (٤/ ٦٢١).
(٣) متفق عليه من حديث جابر، وقد سبق تخريجه (ص ٢٢٣).
(٤) أخرجه أحمد (٥٤) وأبو داود (٤٣٦٣) والنسائي (٤٠٧١ - ٤٠٧٧) وأبو يعلى (٧٩ - ٨٢) والحاكم (٤/ ٣٥٤) والضياء في «المختارة» (١/ ١٠٤ - ١٠٩) من طرق عن أبي برزة الأسلمي به.
(٥) لم أجده عن عمر، وإنما أخرجه أحمد ــ ومن طريقه الخلَّال في «الجامع» (٧٣١ - أحكام أهلل الملل) ــ ومسدّد بن مُسَرهَد في «مسنده» كما في «المطالب العالية» (٢٠٣١)؛ كلاهما عن هُشَيم، عن حُصَين بن عبد الرحمن، عمَّن أخبره عن ابن عمر. وأخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة بنحوه كما في «بغية الباحث» (٥١٠) و «المطالب».