للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنعِ دينارِ جزيةٍ في السنة، فكيف ينتقض عهدُه ويُقتل بذلك دون السبِّ؟! وأي نسبةٍ لمفسدة منعه دينارًا في السنة إلى مفسدة مجاهرته (١) بسبِّ نبينا أقبحَ سبٍّ على رؤوس الأشهاد؟ بل لا نسبة لمفسدة محاربته باليد إلى مفسدة محاربته بالسب، فأولى ما انتقض به عهده وأمانه سبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينتقض عهده بشيءٍ أعظمَ منه إلا مسبَّةَ (٢) الخالق سبحانه؛ فهذا محض القياس ومقتضى النصوص وإجماعُ الخلفاء الراشدين، وعلى هذه المسألة أكثر من أربعين دليلًا (٣).

فإن قيل: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل عبد الله بن أُبيٍّ وقد قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل (٤)، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمي وقد قال له: اعدل فإنك لم تعدل (٥)، ولم يقتل من قال له: يقولون إنك تنهى عن الغَيِّ وتستخلي (٦) به (٧)، ولم يقتل القائلَ له: إن هذه لقسمةٌ ما أريد بها وجه


(١) المطبوع: «إلى مفسدة منع مجاهرته»، إقحام مفسد للمعنى.
(٢) ز، س، ن: «بسبِّه». وفي المطبوع: «سبّه».
(٣) انظر جملة صالحة منها في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» لشيخ الإسلام.
(٤) أخرجه البخاري (٣٥١٩) ومسلم (٢٥٨٤/ ٦٣) من حديث جابر.
(٥) وذلك عند قسم غنائمِ حنينٍ بالجعرانة. أخرجه البخاري (٣١٣٨) ومسلم (١٠٦٣) والحميدي (١٣٠٨) وابن ماجه (١٧٢) وغيرهم من حديث جابر، وليس في «الصحيحين» قوله: «فإنك لم تعدل».
(٦) ص، ز، د، س: «تستحل»، تصحيف.
(٧) أخرجه عبد الرزاق (١٨٨٩١) وأحمد (٢٠٠١٧، ٢٠٠١٩) والروياني (٩٣٣) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه. وأخرجه أبو داود (٣٦٣١) والترمذي (١٤١٧) مختصرًا دون موضع الشاهد. قال الترمذي: حديث حسن.