للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الحديث كما جاء مبينًا في «الصحيح»، فكيف يقدم على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!

وأما قولكم: لو كان الحد أو القصاص فيما دون النفس لم يُعِذه الحرم منه، فهذه المسألة فيها قولان للعلماء، وهما روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد، فمن منع الاستيفاء نظر إلى عموم الأدلة العاصمة بالنسبة إلى النفس وما دونها، ومن فرَّق قال: سَفْك الدم إنما ينصرف إلى القتل، ولا يلزم من تحريمه في الحرم تحريمُ ما دونه، لأن حرمة النفس أعظمُ والانتهاك بالقتل أشد. قالوا: ولأن الحد بالجلد والقطع (١) يجري مجرى التأديب، فلم يُمنَع منه كتأديب السيد عبدَه.

وظاهر المذهب (٢) أنه لا فرق بين النفس وما دونها في ذلك؛ قال أبو بكر (٣): هذه مسألة وجدتها لحنبلٍ عن عمِّه: أن الحدود كلها تقام في الحرم إلا القتل، قال: والعمل على أن كلَّ جانٍ دخل الحرم لم يُقَم عليه الحد حتى يخرج منه.

قالوا: وحينئذ فنجيبكم بالجواب المركب، وهو أنه إن كان بين النفس وما دونها في ذلك فرق مؤثِّر بطل الإلزام، وإن لم يكن بينهما فرق مؤثِّر سوَّينا بينهما في الحكم وبطل الاعتراض؛ فتحقَّقَ بطلانُه على التقديرين.


(١) ن، المطبوع: «أو القطع».
(٢) أي: مذهب أحمد. في المطبوع: «وظاهر هذا المذهب»، إقحام أفسد السياق وأضاع المعنى.
(٣) هو غلام الخلَّال عبد العزيز بن جعفر البغدادي (ت ٣٦٣)، وقوله في «المغني» (١٢/ ٤١٠).