للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما لا تعرض فيها لشروطه وعدم موانعه، فإن اللفظ لا يدل عليها بوضعه ولا بتضمُّنه، فهو مطلق بالنسبة إليها، ولهذا إذا كان للحكم شرط أو مانع لم يُقَل: إن توقف الحكم عليه تخصيص لذلك العام، فلا يقول مُحَصِّل (١): إن قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] مخصوص بالمنكوحة في عدَّتها أو بغير إذن وليها أو بغير شهود، فهكذا النصوص العامة في استيفاء الحدِّ (٢) والقصاص لا تعرُّض فيها لزمنه ولا مكانه ولا شرطه ولا مانعه، ولو قُدِّر تناولُ اللفظ لذلك لوجب تخصيصه بالأدلة الدالة على المنع لئلا يَبطُل موجَبُها ووجب حمل اللفظ العام على ما عداها كسائر نظائره، وإذا خصصتم تلك العمومات بالحامل والمرضع والمريض الذي يُرجى برؤه والحال المُحرِّمة للاستيفاء كشدة المرض أو البرد أو الحَرِّ، فما المانع من تخصيصها بهذه الأدلة؟ وإن قلتم ليس ذلك تخصيصًا بل تقييدًا لمطلقها كِلنا لكم بهذا الصاع سواءً بسواء.

وأما قتل ابن خطل فقد تقدم أنه كان في وقت الحِلِّ وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع الإلحاق ونصَّ على أن ذلك من خصائصه، وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: «وإنما أحلت لي ساعةً من نهار» صريح في أنه إنما أُحِلَّ له سفك دمٍ حلال في غير الحرم في تلك الساعة خاصةً، إذ لو كان حلالًا في كل وقتٍ لم يختصَّ بتلك الساعة، وهذا صريح في أن الدم الحلال في غيرها حرامٌ فيها فيما عدا تلك الساعة.

وأما قوله: «إن الحرم لا يعيذ عاصيًا» فهو من كلام الفاسق عمرو بن سعيدٍ الأشدق يردُّ به حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين روى له أبو شريح الكعبي


(١) أي: من حصَّل العلمَ، أي جمعه وأتقنه.
(٢) س، ن، المطبوع: «الحدود».