للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: الفرق بين ما أنبته في الحل ثم غرسه في الحرم، وبين ما أنبته في الحرم أولًا، فالأول: لا جزاء فيه، والثاني: لا يُقلَع وفيه الجزاء بكل حال، وهذا قول القاضي.

وفيه قول رابع: وهو الفرق بين ما يُنبت الآدميُّ جنسَه كالجوز واللوز والنخل ونحوِه، وما لا ينبت الآدمي جنسه كالدَّوح والسَّلَم (١) ونحوه، فالأول يجوز قلعه ولا جزاء فيه، والثاني: فيه الجزاء (٢).

قال صاحب «المغني» (٣): والأولى الأخذُ بعموم الحديث في تحريم الشجر كله، إلا ما أنبته الآدميُّ من جنس شجرهم بالقياس على ما أنبتوه من الزرع والأهلي من الحيوان، فإننا إنما أخرجنا من الصيد ما كان أصله إنسيًّا دون ما تأنَّس من الوحشي، كذا هاهنا. وهذا تصريح منه باختيار هذا القول الرابع، فصار في مذهب أحمد أربعة أقوال.

والحديث ظاهر جدًّا في تحريم قطع الشَّوك والعَوسج (٤). وقال الشافعي (٥): لا يَحرُم قطعه، لأنه يؤذي الناس بطبعه [فـ]ـأشبه (٦) السباع، وهذا اختيار أبي الخطاب وابن عَقِيل، وهو مروي عن عطاء ومجاهد وغيرهما (٧).


(١) السَّلَم: شجر من العِضاه ذات الشوك وورقها القَرَظُ الذي يُدبَغ به الجلد، واحدته: سَلَمة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «والثاني: لا يجوز وفيه الجزاء».
(٣) (٥/ ١٨٦).
(٤) العوسج: شجر من العضاه كثير الشوك، واحدته: العوسجة.
(٥) انظر: «البيان» للعمراني (٤/ ٢٦٢)، والمؤلف صادر عن «المغني».
(٦) الفاء ساقطة من الأصول، وهي ثابتة في مصدر المؤلف وكذا في النسخ المطبوعة.
(٧) انظر: «الإشراف» لابن المنذر (٣/ ٤٠٠). والمؤلف صادر عن «المغني».